شراكة مغربية إماراتية بـ14 مليار دولار: دفعة استراتيجية لمشاريع الطاقة والمياه حتى 2030


في خطوة استراتيجية تعكس عمق الشراكة بين المغرب والإمارات، أعلن ائتلاف مغربي إماراتي عن توقيع مجموعة من الاتفاقيات الاستثمارية الضخمة مع الحكومة المغربية، تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 14 مليار دولار، بهدف تطوير مشاريع بنية تحتية حيوية في مجالي الطاقة والمياه، وذلك في أفق العام 2030.


ويضم هذا الائتلاف كلًا من صندوق محمد السادس للاستثمار (مؤسسة عمومية مغربية)، وشركة "طاقة المغرب" التابعة لمجموعة "طاقة" الإماراتية، إلى جانب شركة "ناريفا" المغربية، حيث تم توقيع ثلاث اتفاقيات رئيسية مع الحكومة والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، لوضع خارطة طريق طموحة للتحول في قطاعي الكهرباء والمياه.


طموحات طاقية نظيفة

تهدف المشاريع إلى إنشاء قدرات جديدة لإنتاج ونقل الكهرباء من مصادر متجددة، وعلى رأسها الطاقة الريحية، من خلال بناء خط كهربائي يمتد على طول 1400 كيلومتر. سيربط هذا الخط الأقاليم الجنوبية، حيث ستقام محطات توليد بطاقة تصل إلى 1200 ميغاواط، بمدينة الدار البيضاء، ما يمثل قفزة نوعية في مسار التحول الطاقي بالمغرب.


وتتوزع ملكية هذه المشاريع بالتساوي بين "طاقة" و"ناريفا"، في حين تملك المؤسسات المغربية العمومية، وعلى رأسها صندوق محمد السادس، حصة 15%، ما يعزز من التمكين المحلي ويضمن استدامة المشروع.


يأتي هذا ضمن هدف وطني يسعى المغرب من خلاله إلى توليد 52% من احتياجاته الكهربائية من مصادر نظيفة بحلول عام 2030، رغم أن الطاقة الأحفورية لا تزال تشكل حوالي 90% من الاستهلاك الحالي وتعتمد بشكل شبه كلي على الواردات.


تحلية المياه... من التحدي إلى الحل

المكون الثاني من هذه الشراكة يتمثل في مواجهة تحديات الإجهاد المائي، إذ تشمل الاتفاقيات إنشاء محطات لتحلية مياه البحر بسعة إنتاجية هائلة تبلغ 900 مليون متر مكعب سنويًا، يتم تشغيلها بالكامل بالطاقة المتجددة.


هذا التوجه يأتي في إطار خطة وطنية لرفع الإنتاج السنوي من المياه المحلاة من 270 مليون متر مكعب حاليًا إلى 1.7 مليار متر مكعب بحلول عام 2030، وهو ما يشكل طفرة نوعية في القدرات المائية، لاسيما أن جزءاً من هذه المياه سيوجه للقطاع الزراعي الذي يُعد من ركائز الاقتصاد المغربي.


مشاريع مائية مهيكلة

ولتعزيز التوزيع الجغرافي العادل للموارد المائية، يتضمن البرنامج إنشاء طريق سيار مائي جديد، هو الثاني من نوعه في المغرب، لنقل حوالي 800 مليون متر مكعب سنويًا من المياه من المناطق الشمالية الغنية بالمياه نحو المناطق الوسطى الأكثر عطشًا، مما يعكس رؤية متقدمة لإدارة الموارد الطبيعية على المستوى الوطني.


تحول استراتيجي وتنمية مستدامة

توسعة محطة تحدارت لتوليد الكهرباء من الغاز الطبيعي تُعد أيضًا من مكونات هذا المشروع الشامل، مما يعزز من التنوع في مزيج الطاقة ويدعم أمن التزود بالكهرباء في البلاد.


المبادرات المعلن عنها تعكس رؤية مشتركة بين المغرب والإمارات لبناء مستقبل مستدام يعتمد على الطاقة النظيفة وحلول مبتكرة لمواجهة التغير المناخي وأزمات الموارد، كما تمثل نموذجًا يحتذى به في الشراكة بين القطاعين العام والخاص على الصعيدين الإقليمي والدولي.


بهذا المشروع، لا ترسخ الإمارات فقط حضورها الاستثماري في شمال إفريقيا، بل تساهم أيضًا في تحولات اقتصادية وبيئية كبرى ستغير وجه التنمية في المغرب لعقود قادمة.

Joby Maroc
Joby Maroc
تعليقات